سورة آل عمران .. لماذا سميت بهذا الاسم؟ .. هذا هو ما نعرضه في هذا المقال الذي يتناول قصة سورة آل عمران، ويتضمن ملخص سورة آل عمران، ومعلومات عن سورة آل عمران، وملخص سورة آل عمران.
آل عمران في القرآن الكريم
وردت " آل عمران " مركبة من الكلمتين "آل" و"عمران" مرة واحدة في القرآن الكريم، وذلك في السورة التي سميت بهذا الاسم، وهي سورة آل عمران، في قوله تعالى ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (الآية 34). وجاءت كلمة "عمران" مفردة مرتين؛ الأولى في السورة نفسها، وذلك عند الحديث عن زوجة عمران والدة السيدة مريم، في قوله عز وجل ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا﴾ (الآية 35)، والثانية في سورة التحريم، عندما تحدث عن السيدة مريم نفسها، وذلك في قوله سبحانه ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ (الآية 12).
لماذا سميت سورة آل عمران بهذا الاسم ؟
سميت هذه السورة بهذا الاسم؛ لأنه كان أبرز شيء ورد فيها، ومن العلماء من يذهب إلى أن "عمران" المذكور فيها هو والد نبي الله سيدنا موسى عليه السلام، لكن الأرجح ما أشار إليه آخرون من أنه والد السيدة مريم عليها السلام، وما يعزز ذلك هو ذكر زوجته بعد الحديث عنه في السورة.
اقرأ أيضا: لماذا سميت سورة الفاتحة بهذا الاسم؟
قصة آل عمران في القرآن الكريم .. دلالة الاسم ومشتقاته
ورد اسم آل عمران عنوانا للسورة الثالثة في القرآن الكريم، أي بعد سورتي الفاتحة والبقرة، وقد تكون هذا الاسم من كلمتين هما "آل" و"عمران" من خلال إضافة الكلمة الأولى إلى الثانية.
وقد وردت كلمة "عمران" ثلاث "٣" مرات وذلك في المواضع التالية:
- ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ (٣٣- آل عمران).
- ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ﴾ (٣٥- آل عمران).
- ﴿وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا﴾ (١٢- التحريم).
كلمة "آل" في القرآن الكريم
جاءت كلمة "آل" ٢٦ مرة في القرآن الكريم، ووردت فيها جميعا مضافة إلى كلمة أخرى، حسب التالي:
آل فرعون: وذلك ١٤ مرة على النحو التالي:
- مرة واحدة في الآيات: ٤٩ و٥٠ - البقرة، ١١ - آل عمران، ١٣ و١٤١ - الأعراف، ٥٢ - الأنفال، ٦- إبراهيم، ٨ - القصص، ٢٨ و٤٥ و٤٦- غافر، ٤١- القمر.
- مرتان في الآية: ٥٤-الأنفال.
آل موسى: جاءت هذه الكلمة مرة واحدة في الآية: ٢٤٨- البقرة.
آل هارون: وردت مرة واحدة في الآية: ٢٤٨ - البقرة.
آل إبراهيم: جاءت مرة واحدة في الآيتين: ٣٣- آل عمران، ٥٤- النساء.
آل يعقوب: وردت مرة واحدة في الآيتين: ٦- يوسف، ٦- مريم.
آل لوط: جاءت مرة واحدة في الآيات: ٥٩ و٦١ - الحجر، ٥٦- النمل، ٣٤- القمر.
آل داود: وردت مرة واحدة في الآية: ١٣- سبأ.
آل عمران: جاءت مرة واحدة في الآية: ٣٣- آل عمران.
أصل كلمة عمران ومشتقاتها في القرآن الكريم:
ترجع كلمة "عمران" إلى الجذر اللغوي "عمر"، ويدل معناه على الحياة (انظر: لسان العرب لابن منظور)، وكأن "آل عمران" تعني ان هذه الأسرة المباركة ستظل متمتعة بالحياة إلى يوم القيامة، فاسمها سيظل مذكورا إلى يوم الدين، وهذا بفضل القرآن الكريم الذي خلدهم وتضمن سورة تحمل اسمهم.
وهناك مغزى آخر يمكن أن نتبينه من هذا الاسم، فأحد أفراد هذه الأسرة كما ولد فريدا من أم بلا أب، ظل حيا من يوم أن جاء إلى الدنيا، إلى أن رفعه الله إليه ولم يقبض روحه كسائر البشر.
ومن المشتقات الأخرى للجذر "عمر" في القرآن الكريم، الكلمات التالية:
- الفعل الماضي الثلاثي، وقد ورد مرتين في قوله تعالى: ﴿وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا﴾ (الروم- 9).
- الفعل المضارع الثلاثي، وجاء مرتين، في: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ (التوبة- 18)، و﴿مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ﴾ (التوبة- 17).
- الفعل المضارع الرباعي، وقد ورد مبنيا للمعلوم في موضعين، هما: ﴿أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ﴾ (فاطر- 37)، و﴿وَمَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ﴾ (يس- 68)، ومبنيا لما لم يُسَمَّ فاعله، في ثلاثة مواضع، هي: ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ (البقرة- 96)، و﴿وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾ (البقرة- 96)، و﴿وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ﴾ (فاطر- 11).
- الفعل الماضي الخماسي، في: ﴿فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ﴾ (البقرة- 158).
- الفعل الماضي السداسي، في: ﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾ (هود- 61).
- اسم المفعول من الفعل الثلاثي، في: ﴿وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ﴾ (الطور- 4).
- اسم المفعول من الفعل الرباعي، في: ﴿ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ﴾ (فاطر- 11).
- القَسَم، في: ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾ (الحجر- 72).
- كلمة "العمر" معرفة بالألف واللام، وذلك في أربعة مواضع، هي: ﴿وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ﴾ (النحل- 70، والحج- 5)، و﴿حَتَّىٰ طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ (الأنبياء- 44)، و﴿فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾ (القصص- 45).
- كلمة "العمر" نكرة، في: ﴿فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِّن قَبْلِهِ﴾ (يونس- 16).
- كلمة "عمر" مضافة إلى كاف الخطاب، في: ﴿وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ﴾ (الشعراء- 18).
- كلمة "العمرة" الدالة على النسك المعروف، ووردت مرتين، في: ﴿وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ﴾ (البقرة- 196)، ثم في الآية نفسها: ﴿فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ (البقرة- 196).
- المصدر "عمارة"، وذلك في: ﴿وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ (التوبة- 19).
اقرأ أيضا: لماذا سميت سورة البقرة بهذا الاسم؟
لماذا سميت سورة آل عمران بهذا الاسم ؟
تسمى أي سورة في القرآن الكريم بأبرز ما ورد فيها، وقد ذكر الله في هذه السورة اسم "عمران" في آيتين متتاليتن "34 و35"، وكان الحديث فيهما عن اصطفاء الله عز وجل لبعض البشر، ومنهم سيدنا آدم وسيدنا نوح وسيدنا إبراهيم وآله، إضافة إلى آل عمران، ولم يكن الأخير نبيا، لكن أسرته كانت مباركة، فالزوجة الصالحة عندما أتاها الحمل نذرت ما في بطنها لله عز وجل، لكن ربنا سبحانه وتعالى رزقها بأنثى، وقد جعلها الله آية للناس إلى يوم الدين.
هذه الأنثى هي السيدة مريم التي وهبتها أمها لله، أراد عز وجل أن تكون من خير نساء العالمين، وجعلها المرأة الوحيدة التي حملت بدون زوج، ليكون هذا المولود آية أخرى، فقد تحدث في المهد، وصار نبيا يحمل رسالة من الله سبحانه وتعالى، وأنزل الله عليه أحد الكتب السماوية الثلاث، وهو الإنجيل، إنه سيدنا المسيح عيسى بن مريم.
ملخص سورة آل عمران
هذه السورة مدنية، نزلت آياتها كلها في المدينة المنورة، وعدد آياتها مائتا (٢٠٠) آية، تدور حول ألوهية الله عز وجل والإيمان به والإخلاص له، ليفوز الإنسان بخيري الدنيا والآخرة. ويقدم لنا الله سبحانه وتعالى في السورة نموذجا من البشر، آمنوا به وأخلصوا له، فاصطفاهم وفضلهم على العالمين، وهم آل عمران الذين اختاروا الآخرة على الدنيا، فتكفل بهم ورعاهم، وكان خير معين لهم، وجعلهم من المقربين.
وتركز السورة على ترسيخ العقيدة والتأكيد على وحدانية الله، وتتعرض لأصناف الناس من المؤمنين والكافرين والمنافقين، وأن الله يؤيد الصنف الأول عندما يعبده عبادة خالصة. كما أكدت السورة أن مصدر الأديان كلها واحد، ووجهت المؤمنين إلى أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأشارت السورة إلى ما حدث من نصر الله للمؤمنين في غزوة بدر، عندما تعلقوا بربهم، فكان جزاؤهم النصر على أعدائهم رغم قلة عددهم في مقابل عدوهم. وقد وقع العكس في غزوة أحد، فقد ظنوا أن الله ناصرهم في جميع الأحوال، لكن الرماة خالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، وانشغلوا بمتاع الدنيا، وهو جمع الغنائم، فكانت النتيجة هي الهزيمة، لأنهم خالفوا منهج الله.
وقد بدأت السورة بالتوحيد الخالص لله عز وجل الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، فهو في عون العبد ما دام متمسكا بحبل الله الذي بيده كل شيء. وتختتم السورة في آخر آياتها بدعوة المؤمنين إلى الصبر والمصابرة وتقوى الله لأن فيها الفلاح، وهو ما فعله آل عمران، فاختارهم سبحانه وتعالى ليكونوا من أفضل خلقه.
وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقراءة الزهراوين، البقرة وآل عمران، ولذلك فإن لهما مكانتهما الكبيرة في الإسلام.