أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

الفرق بين الحمد والشكر في القرآن الكريم واللغة العربية

الحمد والشكر من الكلمات المستعملة في القرآن الكريم وهناك فرق بينهما


الفرق بين الحمد والشكر في القرآن الكريم واللغة العربية


    نتحدث في هذا المقال عن الفرق بين الحمد والشكر، ونتناول أنواع الكلمات المشتقة من الكلمتين في القرآن الكريم، ونوضح الفرق بينهما في اللغة العربية، والتناول القرآني.

الحمد في القرآن الكريم:


    عندما نظرت إلى الكلمات المشتقة من مادة الكلمة في آيات القرآن الكريم، لاحظت أنها جاءت من نوع "الاسم"، ولم تأتِ من "الفعل" إلا واحدة: "يُحمدوا"، وهي فعل مضارع منصوب بأداة النصب "أن" في قوله تعالى: ﴿وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ (سورة آل عمران – الآية 188).

    وقد وردت الكلمات من المادة متعددة الصيغ، منها المصدر كما في قوله تعالى: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ (سورة النمل – الآية 59).

    واشتق من المادة صفة مشبهة تدل على دوام الحمد ممن يتصف بها، في آية واحدة، هي قوله تعالى: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ﴾ (سورة التوبة – الآية 112).

    كما اشتق من مادة "الحمد" اسم مفعول، في آية واحدة، هي قوله عز وجل: ﴿عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ (سورة الإسراء – الآية 79).

    واشتق من المادة- أيضا- صيغة مبالغة، هي من أسماء الله الحسنى، وقد وردت في عدد من الآيات، منها قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ (سورة فاطر – الآية 15).

    واشتق من مادة "الحمد" صيغة اسم التفضيل على وزن "أفعل" الدالة على رسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد ورد اسمه "أحمد" على لسان سيدنا عيسى عليه السلام في سورة الصف (الآية 6).

    كما وردت صيغة اسم المفعول دالة على اسم نبينا صلى الله عليه وسلم، في أربع (4) آيات، منها قوله تعالى: ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ (سورة الفتح – الآية 29).

الشكر في القرآن الكريم:


    لاحظنا أن المشتقات من مادة "الحمد" في القرآن الكريم، جاءت جميعها من نوع الاسم، إلا مرة واحدة من الفعل المضارع.

    وأما مادة "الشكر"، فقد تنوعت فيها الصيغ بين "الاسم" و"الفعل"، فأتى منها الفعل الماضي، كما في قوله تعالى: ﴿وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ﴾ (سورة النمل – الآية 40). والمضارع، كما في قول الحق سبحانه وتعالى على لسان سليمان عليه السلام: ﴿وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾ (سورة النمل – الآية 19). وجاء منه فعل الأمر، كما في قوله سبحانه وتعالي: ﴿وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ (سورة البقرة – الآية 152).

    وأما من ناحية الأسماء، فقد وردت صيغتان للمصدر، إحداهما على وزن "فُعْل" في آية واحدة، هي قوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ (سورة سبأ – الآية 13)، والثانية "فُعُول" في آيتين، هما: ﴿أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾ (سورة الفرقان – الآية 62)، و﴿لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ (سورة الإنسان – الآية 9).

    وتضمنت الأسماء المشتقة من مادة "شكر"-أيضا- صفة مشبَّهة على وزن "فاعِل"، وعندما وردت مفردة في القرآن الكريم دلت على الله عز وجل، فكانت اسما من أسمائه الحسنى، كما في قوله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ (سورة البقرة – الآية 158)، كما دلت على الإنسان- أيضا- كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ (سورة الإنسان – الآية 3)، وعندما تكون هذه الكلمة جمعا، فإنها لا تدل إلا على الإنسان، كما في قوله تعالى: ﴿بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ (سورة الزمر – الآية 66).

    ومن المادة صيغة المبالغة على وزن "فَعول"، وقد أتت في بعض المواضع دالة على الإنسان، كما في قوله تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾ (سورة الشورى – الآية 33)، كما دلَّت في أخرى على الله عز وجل اسما من أسمائه الحسنى، كما في قوله سبحانه: ﴿وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ (سورة التغابن – الآية 17). وورد من المادة اسم مفعول على وزن "مفعول"، كما في قوله تعالى: ﴿فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا﴾ (سورة الإسراء – الآية 19).

معنى الحمد في اللغة:


    أشار ابن منظور في معجم "لسان العرب" إلى أن هذه الكلمة تدل على نقيض الذم.

    والحمد له أنواع، من أهمها القولي، ويكون باللسان، والفِعلي، وهو الإتيان بالأفعال التي تدل على أنك تحمد الله عز وجل، وذلك بأن تكثر من الطاعات، كأن تأتيَ بقيام الليل، أو تنفق الأموال على المحتاجين.

    وقد أشار الشريف علي بن محمد الجرجاني في كتابه "التعريفات" إلى أن "الحمد القولي" هو أن تثني على الله عز وجل باللسان بثنائه على نفسه سبحانه وتعالى في القرآن الكريم، وأما "الفعلي" فهو أن تأتي بالأعمال البدنية التي تبتغي بها وجهه عز وجل.

معنى الشكر في اللغة:


    أوضح الزبيدي في معجم "تاج العروس" أن هذه الكلمة تعني الاعتراف بالإحسان ونشره. وأشار إلى أن من معانيها الثناء على المحسن بذكر أفعاله.

الفرق بين الكلمتين في لغة القرآن الكريم:


    من ينظر في كتاب الله عز وجل يجد أن الشكر يكون موجها إليه سبحانه وتعالى، ويكون موجها- أيضا- إلى من يستحقه من البشر. وأما الحمد، فإنه لا يكون إلا لله عز وجل وحده.

    ولم يأت ذكر بشر نال الحمد في القرآن الكريم، سوى نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد ذكر اسمه "محمد" أربع "4" مرات واسمه أحمد مرة واحدة في الكتاب الكريم.

    وجاء اسم المفعول من مادة الكلمة في القرآن الكريم، ليدل على المقام الذي سيناله النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال سبحانه وتعالى: ﴿عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا﴾ (سورة الإسراء – الآية 79).

    ولم يأت ذكر غير الله عز وجل ونبيه صلى الله عليه وسلم في مادة "حمد" إلا عند الإشارة إلى من يحبون أن يحمدهم الناس، وهم لا يستحقون، فقد قال عز وجل: ﴿وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا﴾ (سورة آل عمران – الآية 188).

    وإذا كان الحمد خاصا بالله عز وجل في القرآن الكريم، فإن الشكر يمكن أن يكون له سبحانه وتعالى كما في قوله: ﴿وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ﴾ (سورة التغابن – الآية 17)، ويكون موجها للبشر- أيضا- كما في: ﴿لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ (سورة الإنسان – الآية 9).

وقد فرَّق اللغويون والمفسرون بين الحمد والشكر، بأن الأول أشمل وأعم من الثاني. وقد أشار الزبيدي في معجم "تاج العروس" إلى أن حمد االله يعني الثناء عليه والشكر لنعمه التي شملت كل شيء.

    ونلاحظ أن كلمة "الحمد لله" جاءت معرَّفة بالألف واللام، ليكون معلوما أن الحمد يختص به عز وجل. وقد جاءت في سورة الفاتحة تالية للبسملة، لأهميتها وعظمتها عند الله عز وجل، ولكي يتعلم الناس كيف يحمدون الله.

    وقد أشار القرطبي في "تفسير الجامع لأحكام القرآن" إلى قول بعض العلماء إن الشكر أعم من الحمد لأنه باللسان وبالجوارح والقلب، وأن الثاني إنما يكون باللسان خاصة.

    ويشير الزبيدي في معجم "تاج العروس" إلى أن الشكر بالقلب فيه خضوع لله عز وجل، وأما عندما يكون باللسان فإنه يعبر عن الثناء، وبالجوارح عن الطاعة.




تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-