أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

المصطلح العلمي وتعريب العلوم .. ودورهما في زيادة المعرفة

 

يحتاج العرب إلى زيادة الاهتمام بالمصطلحات العلمية في اللغة العربية

المصطلح العلمي وتعريب العلوم .. ودورهما في زيادة المعرفة


    المصطلح له دور كبير في تنمية العلوم، فهو مفتاحها الذي تفهم به. ونحتاج إلى زيادة الاهتمام به في اللغة العربية، وترجمته؛ لتعريب العلوم، ولأهمية هذا في زيادة المعرفة في مختلف التخصصات.

الجهود الأوروبية في علم المصطلح:


    من أبرز الجهود الأوروبية في هذا المجال بداية القرن العشرين، ما سعت إليه اللجنة الدولية للصناعات الكهربائية من عمل مصطلحات موحدة لهذا المجال، تمهيدا لوضع المواصفات القياسية للمنتجات الكهربائية.


    وتواصلت الجهود حول المصطلحات في العديد من دول العالم، ففي فرنسا أنشئ عدد من المؤسسات في هذا المجال، منها: جمعية للتوحيد، ولجنة لدراسات المصطلحات التقنية، ومركز دراسات اللغة الحديثة والمعاصرة، وجمعية للمترجمين، وأكاديمية العلوم، وفي جيكوسلوفاكيا تُدرس النظرية العامة في جامعاتها، إضافة إلى أكاديمة العلوم الجيكوسلوفاكية. (انظر: محمود فهمي حجازي: الأسس اللغوية، وعلي القاسمي: مقدمة في علم المصطلح)

إنشاء بنوك للمصطلحات العلمية:


    أنشئت في بعض الدول بهدف توثيقها وتوحيدها وتسهيل الوصول إليها. ويقع أحدها في شركة سيمنز الألمانية، ومعظم المصطلحات التي يخزنها تنتمي إلى الهندسة الكهربائية، ويتم التخزين بعدة لغات منها اللغة العربية (القاسمي: ص 183).

    كما يوجد مركز الاستعلامات الدولي (إنفوترم) في فيينا، وتتركز أهم جهوده فيما يلي:

  • تشجيع البحوث وعقد دورات تدريبية في هذا الحقل.

  • توثيق المعلومات المتعلقة بالمصطلحات، والمؤسسات القطرية والدولية العاملة في هذا الميدان، والخبراء، والمشروعات.

  • تنسيق التعاون الدولي في حقل المصطلحات.

  • بحث أسس تبادل المعلومات بينها. (القاسمي: ص 13 و14).

أنواع بنوك المصطلحات:


    توجد أربعة أنواع منها حسب الهدف من إنشائها:

  • الأول: يركز على إتاحة المصطلحات لدوائر الترجمة، لإيمانها بعدم كفاية المعاجم التقليدية في هذا المجال.

  • الثاني: يرتبط ارتباطا وثيقا بالتخطيط اللغوي، خاصة تطوير العمل في هذا المجال فيما يخص لغة بعينها.

  • الثالث: يخزن المصطلحات التي أعدتها مؤسسة علمية خاصة، نقحتها ونشرتها تباعا في كتاب.

  • الرابع: يختص بالأنواع التي تنتجها مؤسسات التقيسس(هريبرت بيشت وجنيفر دراسكاو: مقدمة في المصطلحية، ترجمة: د. محمد محمد حلمي هليل، لجنة التأليف والتعريب والنشر، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت،2000 م، ص 200 و201).

    ومن أهم الفئات التي تحتاج إلى المصطلحات في عملها: المترجمون، والدارسون والمدرسون للغة الأغراض الخاصة، وخبراء المعلومات والتوثيق، والمتخصصون في الحقول الموضوعية للاتصال الشفهي أو الكتابي (بيشت ودراسكاو: ص 227).

مساهمة العرب في المصطلح العلمي:


    لم يكن العرب بعيدين عن هذه القضية، وإنما ساهموا فيها على فترات متقطعة من الزمن. تشير الدكتورة وفاء كامل في كتابها "المجامع العربية وقضايا اللغة" إلى أنه مع نشأة العلوم الدينية بعد مجيء الإسلام، أصبح لكل علم منها مصطلحاته الخاصة به، وهو ما ظهر في الفقه والتفسير والحديث وعلم الكلام، إضافة إلى: النحو والعروض والكيمياء والطب والفلك والطبيعة.

    وتضيف أن المصطلحات تطورت بمرور الزمن إلى أن اكتملت لغة هذه العلوم في القرن الرابع الهجري، إلا أن الدول العربية والإسلامية أصابتها فترة من الضعف، نتج عنها ركود البحث العلمي وجمود مصطلحاته وتحجر لغته، واقتصر العلماء على ترديد مصطلحات القدماء دون تطوير أو تجديد.

    وتوضح أن الأوضاع استمرت على هذا النحو، إلى أن جاءت النهضة العلمية الحديثة في القرن التاسع عشر الميلادي، وواجه رفاعة الطهطاوي مهمة وضع مقابلات عربية للمصطلحات الجديدة من خلال كتبه، ثم كان دور مدرسة الألسن في ترجمة مئات الكتب إلى اللغة العربية، وتلتها في محاولات التعريب مدارس العلوم العسكرية والهندسية والطبية والزراعية.

دور مجامع اللغة العربية في المصطلح العلمي:


    حاولت مجامع اللغة العربية إرساء أسس وضع المصطلحات، وأنتج بعض منها عددًا من المعاجم في هذا المجال. ومن أهم الخطوات ما قامت به جامعة الدول العربية من إنشاء مكتب تنسيق التعريب في الرباط، الذي صدر قرار بإنشائه عام 1969م.

    وكان لمجمع اللغة العربية بالقاهرة اهتمام بالتراث، فأصدر عدة قرارات، منها: أن ينظر في اختيار مختصين "لإخراج المصطلحات العلمية القديمة مـن الكتب العربية، وعرض كل فرع على اللجنة المختصة".

    كما أصدر قرارا بوضع معاجم للمصطلحات المستخرجة من الكتب العربية القديمة؛ لتكون في متناول الأيدي.

    وأصدر المجمع قرارًا آخر جاء فيه: "تفضل الاصطلاحات العربية القديمة على الجديدة، إلا إذا شاعت". (مجموعة القرارات في خمسين عامًا "1934م-1984م).

    


    توجد عدة معاجم للمصطلحات في التراث العربي، من أهمها:

  •  "مفاتيح العلوم" للخوارزمي الكاتب (ت. 387هـ).
  • "التعريفات" لعلي بن محمد الشريف الجرجاني (740-816هـ).

  • "الكليات" لأبي البقاء أيوب بن موسى الحسيني الكفَوي (1028-1094هـ).

  • "كشاف اصطلاحات الفنـون" لمُحمد أعلى بـن علي التهانوي (ت. 1158هـ).

الاهتمام بالمصطلح العلمي وزيادة المعرفة:


    يجب الالتفات إلي أن الاهتمام بقضية المصطلح العلمي ليس نوعا من الترف، وإنما هو ضرورة ملحة لنقل مستحدثات الحضارة العالمية إلى اللغة العربية، وبالتالي إثراء المحتوى، سواء في الكتب أو البحوث، أو على شبكة المعلومات العالمية "الإنترنت"، وهو ما يؤدي إلى شيوع المعرفة بين المواطنين.

    كما تعد المصطلحات وسيلة لتعريب العلوم، لتكون موادها متاحة، وهو ما يفيد صاحب الثقافة العامة.

    ويمكن حل مشكلة الخشية من انقطاع صلة الطلاب والباحثين بالمصطلح في لغته الأصلية، بأن يلتزم المؤلفون بوضع الأجنبي إلى جوار العربي عند ذكره لأول مرة في الكتب والمراجع ، سواء في العلوم التطبيقية أو الإنسانية.

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-