أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

العلم .. لماذا يعجز أمام عجائب قدرة الله؟

العلم .. لماذا يعجز أمام عجائب قدرة الله؟


العلم .. لماذا يعجز أمام عجائب قدرة الله؟


    العلم يعجز أمام عجائب قدرة الله سبحانه وتعالى. ومهما بلغ الإنسان من تقدم، فإنه يقف حائرا أمام بعض الظواهر التي لا يجد لها تفسيرا.

    ومن هذه الظواهر جائحة كورونا "كوفيد- 19" التي سيطرت على العالم خلال السنوات الأخيرة، وأودت بحياة الملايين.

    ووقف العلماء عاجزين أمام هذا الفيروس الذي ينتشر بصورة مستمرة، وما زالوا غير قادرين على إيقاف تحوراته، أو إيجاد علاج ناجع يقضي عليه.

    يحدث هذا لأن قدرة الله فوق كل شيء، وهي تتجلى في جميع مظاهر الطبيعة حولنا، ويكفي أن تنظر إلى خلق الإنسان والجبال والسموات والأرض.

    والعلم له أهمية ومكانة في الإسلام، لأنه يدفعنا إلى التفكير والاكتشاف لحل المشكلات التي نمر بها، ولخدمة البشرية كلها.

العلم وعجز الإنسان أمام القدرة الإلهية:


    نقلت التكنولوجيا الحديثة الإنسان خطوات واسعة نحو الإحساس بالقدرة على امتلاك الأرض والتحكم في كل ما فيها بضغطة زر لا تستغرق سوى لحظات قليلة جدا.

    ظن الإنسان أنه قادر على كل شيء بعقله، وأنه لا يوجد ما يوقف طموحاته، واعتقد العلماء في معاملهم أنه يمكنهم حل كل المشكلات بسرعة.

    سخر بعض العلماء نتاج عقولهم لخدمة قوى عظمى لا يهمها سوى الاستيلاء على ثروات الآخرين.

    وتوالت طموحات الإنسان، حتى ظن أن عقله هو السيد في هذا الكون، وأنه لا سلطان على هذا العقل وعلى ما ينتجه من ابتكارات جديدة.

علم قارون لم ينقذه من العقاب الإلهي:


    هذا الأمر ليس بجديد على البشرية، فقد ظن شخص كان يعيش منذ قرون طويلة أنه امتلك الأرض بعقله، وأنه لا توجد قوة في الكون تقف ضد ما يريد.

    وعندما وصل إلى تراكم الثروة التي لا يدانيه فيها أحد من البشر، وبلغ به الغرور مبلغه، جاء الأمر من الله عز وجل، فابتلعت الأرض هذا الشخص وما لديه من كنوز، وكأنه لم يكن موجودا بالأمس.

    وحكى القرآن الكريم قصة هذا الشخص، وهو "قارون"، لتكون عبرة لكل من يتمادى في الغرور، ويظن أنه القادر على كل شيء، وهي الصفة التي لا يمكن أن يتنازع فيها أحد مع الله عز وجل.

    الحكمة التي يجب أن ينتبه إليها الناس هي أن "قارون" لم يكن ليصل إلى ما وصل إليه من ثروات إلا بإرادة الله، وأنه لولا مشيئة الله ما حقق ما يريد.

    الله عز وجل هو الذي آتى قارون الكنوز وليس أحد غيره، يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ﴾ (القصص: 76).

    ولذلك لما أراد الله عز وجل أن تبتلع الأرض قارون ومعه كنوزه لم تستطع قوة على وجه الأرض أن تتدخل لإنقاذه، قال سبحانه وتعالى: ﴿فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ (القصص: 81).

العلم يعجز أمام جائحة كورونا:


    في عام 2020 الميلادي، عندما وصلت البشرية إلى أقصى ما تستطيع من تقدم، جاء اختبار وقف أمامه العلم عاجزا، ليفيق الإنسان ويدرك أنه لا إرادة تعلو فوق إرادته سبحانه وتعالى.

    الكل يخشى أن يقضي عليه كائن صغير لا يُرى بالعين المجردة، يدخل الجسم فيعطل بعض أجهزته، وقد يؤدي إلى وفاة الإنسان، ومازال العلماء يصارعون للقضاء على فيروس كورونا.

    وتعلق الجميع بالله عز وجل لينقذ البشرية من هذا الفيروس الدقيق الحجم الذي لا يفرق بين إنسان عظيم وآخر عادي، إنها إرادة الله عز وجل التي تأتي مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا﴾ (التوبة: ٤٠).

    ما يحدث خلال السنوات الأخيرة أبلغ دليل على إعجاز القرآن الكريم الذي تنزَّل من لدن رب العالمين، فآياته تنبئنا أن البشرية مهما بلغت من العلم فإن هناك ما يخفى عليها ولا تعلمه.

    وما لا يعلمه الإنسان قد يكون قريبا منه، لكنه لا علم له به ولا بطبيعته، وهذا هو ما حدث مع فيروس كورونا الذي لم يكن الإنسان يعلم عنه شيئا، ولم يكن يتوقع أن يأتيه، ولا أن يفعل ما فعله بالبشرية من إنهاك وإفناء للبعض منها، رغم أنه فيروس ضعيف لا تراه العين ولا يشعر به الجسم عند دخوله.

    يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ (النحل: ٨)، وهو ما يثبت أن "الطبيعة" لا تتحكم في الكون كما تدَّعي بعض النظريات.

قدرة الله أكبر من البشر:


    مهما بلغ الإنسان من قوة فإنه أضعف من الذبابة عندما تنتزع شيئا من طعامه فلا يستطيع استرداده، يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ﴾ (الحج: ٧٣).

    جاءت إرادة الله لكي يقف الإنسان وقفة فيها تأمل ومراجعة، ويدرك أن هناك حدودا لقدرته، وأنه توجد قوة تدير هذا الكون.

    لقد غفل الإنسان عن قدرة الله التي تحيط به في الأرض والسماء، وأصبح لاهيا عنها بسبب التكنولوجيا الحديثة التي يضعها بين أصابعه وتجعل العالم بين يديه.

    يقول الدكتور عبدالحليم محمود رحمه الله في كتابه "الإسلام والعقل": 
    "إن آيات الله تعالى محيطة بالإنسان من جميع أقطاره، فالسموات من آيات الله، والأرض من آيات الله، والأشجار من آيات الله، والأنهار والجبال، والمحيطات والنجوم والكواكب: كل ذلك من آيات الله تعالى. هذا الإبداع المحكَم، الذي يُحيط بالإنسان من جميع أقطاره، هذه الآيات التي تُحيط بالناس أينما كانوا والتي تنادي بجلال الله سبحانه وعظمته.. حاول بعض الناس الانسلاخ منها - فلم يُقروا بالألوهية الإقرار السليم، والتعبير بالانسلاخ من أحكم وأدق وأروع ما يكون!! لقد حاولوا الانسلاخ منها وهي ملتصقة بهم التصاق جلد الإنسان بالإنسان وانسلخوا منها - بعد لأي، وعلى خلاف الفطرة، وعلى وضع لا يتلاءم مع النظام الطبيعي، وانسلخوا بذلك من محيط الألوهية! إنهم خرجوا عن سرادق الألوهية، وخرجوا عن أن يكونوا من عباد الله، فتهيأوا بصنيعهم هذا ليكونوا من أتباع الشيطان، وسهل على الشيطان غزوهم، فغزاهم بخيله ورَجِلِه فكانوا من الغاوين، ولو شاء الله لرفعهم بآياته ولكن العيب جاء منهم هم، إذ أخلدوا إلى الأرض!".

التسليم بقدرة الله:


    يحتاج البشر إلى أن يسلموا أمرهم لله عز وجل، ويدركوا أنه هو صاحب التصريف في هذا الكون، وألا ينازعوه صفاته التي تفرد بها ظنا منهم أنهم وصلوا إلى القمة في العلم والقوة.

    الأمر كله بيد الله وهو الذي يتولى تدبير الكون وفقا للحكمة التي يعلمها سبحانه، وقد ورد الإخبار بتدبير الله الأمر في أربع آيات من الكتاب الحكيم، هي:
  1. الأولى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ۖ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ﴾ (يونس: 3). 
  2. الثانية: ﴿وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ ۚ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ﴾ (يونس: 31).
  3. الثالثة: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ﴾ (الرعد: 2). 
  4. الرابعة: ﴿يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ﴾ (السجدة: 5).

    وحول كيفية تدبير الله الأمر، يشير ابن كثير إلى أنه يدبر أمر الخلائق، ولا يشغله شأن عن شأن، ولا تغلطه المسائل، ولا يتبرم بإلحاح الملحين، ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير في الجبال والبحار والعمران والقِفار.

العجز أمام القدرة الإلهية فرصة للمراجعة:


    إن الاختبار الذي تعرضت له البشرية بانتشار فيروس كورونا يمكن أن يكون حافزا لأن يعلو صوت الحكمة على صوت شريعة الغاب التي يسعى فيها القوي إلى التهام الأضعف وانتزاع اللقمة البسيطة من فمه لكي يزداد قوة ولا تقوم للضعيف قائمة تجعله يفكر في استعادة حقه من القوي.

    إنها فرصة ثمينة لكي نتعاون فيما يسعد الإنسان في كل مكان على وجه الأرض، حتى تهدأ النفوس وينعم الجميع بالأمن والسلام والرخاء.

    والفطرة السليمة تدعو الإنسان إلى التعاون بدلا من الصراع والقتال، يقول الحق تبارك وتعالى مخاطبا جميع البشر: ﴿ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ (الحجرات: ١٣).

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-