أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

إتقان العمل .. صفة يحبها الله


نتحدث في هذا المقال عن إتقان العمل و فضل إتقان العمل و آثار إتقان العمل وأهمية العمل في الإسلام وأيضا العمل في المجتمع ، خاصة أن الإسلام شدد على أن العمل عبادة .

إتقان العمل و فضل إتقان العمل و آثار إتقان العمل وأهمية العمل في الإسلام و العمل في المجتمع

إتقان العمل في الإسلام


إتقان العمل من الأمور التي حث عليها الإسلام، وهو صفة يحبها الله تعالى، لذا فإن الإنسان الصالح هو الذي يحرص على الإتقان في عمله، وأن يكون شعاره الإتقان في كل عمل يأتي به.

إتقان العمل من أهم الصفات الإنسانية التي يجب أن يحرص عليها المسلم. وهناك فوائد تعود على الفرد والمجتمع من هذا الأمر، فالفرد عندما ينتج سلعة تتميز بالجودة، فإن المجتمع يتلقاها بالقبول، ولذلك فإن إتقان العمل له مكانة كبيرة في الإسلام.

والنتيجة التي نصل إليها هي أن إتقان العمل سبيل النجاح، سواء للأشخاص أو المجتمعات؛ لأنه يعزز الثقة بين الناس، ويدل على التزامهم بتعاليم الدين، وترسخ مراقبة الضمير بينهم.

ولذلك على المسلم أن يلتزم بالعمل الذي يؤديه من أجل رقي الحياة، وأن يحرص على التعلم و المعرفة متزودا بالمهارات و الخبرة التي يكتسبها كل يوم، بأن يمتلك مفتاح الشغف نحو كل درس جديد مفيد للعمل، لكي يصل إلى الفوائد، عن طريق اتخاذ الأسباب والتخطيط بالشكل المطلوب، فالعمل يحتاج إلى بذل قدر من الجهد والحرص إلى إجادة ما تعمل بالإتقان.

ما معنى كلمة الإتقان في العمل ؟


كلمة إتقان هي مصدر مشتق من المادة اللغوية (وقن) والفعل منها أتقن ومعناه: أحكم صنع الشيء، أي أداه مراعيا صفة الإحسان.

وتدل كلمة المتقن على الشخص الذي يحب أن يؤدي العمل على أكمل وجه. وتدل كلمة الإتقان على الإجادة، ومنها ما أشار إليه معجم لسان العرب لابن منظور من أن العرب قالوا: "تقَّنوا" أرضهم، أي الغليظ أو الكثيف، لكي تكون الأرض جيدة، وتدب فيها الحياة.

والإنسان الذي يقوم بعمله بإتقان فإنه يعمل على أن يأتي بصورة أفضل، يتحقق فيها الإخلاص الذي يؤدي إلى رضا الناس عما يصنع.

ومن يتقن عمله، فإن هذا دليل على أنه يسلح نفسه بالمهارات التي يكتسبها عبر السنوات، مدركا أهمية السعي لإتقان كل شيء يعمله، وأن إتقان العمل عبادة ينال عليها الأجر والثواب في الدنيا والآخرة.

والإتقان يعني أداء العمل دون خلل، وإذا أداه الإنسان بهذه الصورة فإنه يكون حقق ما يريده الله تعالى من تطبيق مبدأ: العمل عبادة، وهو ما يؤكد أن الإسلام لا يقتصر على العبادة، وإنما يركز- أيضا- على المعاملات بين الناس، وهو ما يظهر فيما يقوم به الإنسان من عمل.

ويعنى مفهوم إتقان العمل أن هناك رغبة داخلية لدى الشخص في أداء عمله بالصورة المثلى، ويكون هذا من خلال دوافع تتربى في كيان الإنسان منذ صغره وتكون نابعة من ضميره، وتترجم في هيئة أعمال تميزها مهارة فائقة، سواء كانت أعمالا يدوية أو فكرية.

والإنسان المتقن يحرص على إتمام ما يعمل من خلال تعلم الجديد دائما، من خلال القراءة المستمرة، وتظهر ثمرة ذلك فيما يتقنه، وهو ما يؤدي إلى إنجاز ما يعمل بصورة فيها قدر كبير من إتقان وإحسان.

وهذه العملية تأخذ الكثير من الوقت للوصول إلى مستوى يرضى عنه الإنسان، وهو ثمرة كفاح لا يتوقف، لكي يصل العامل إلى الشعور بالرضا عند مشاهدة ما أنتجته يداه على أحسن ما يكون، من خلال التقيد والالتزام بمتطلبات العمل، لكي يتحقق أداؤه في صورة معينة كان قد وضعها في ذهنه للخروج بالشكل المحدد.

والنتيجة التي نصل إليها هي أن إتقان العمل سبيل النجاح، سواء للأشخاص أو المجتمعات؛ لأن الإتقان يعزز الثقة بين الناس، ويدل على التزامهم بتعاليم الدين في كل عمل، إضافة إلى ترسخ مراقبة الضمير بينهم.

وإذا أتقنت العمل، فإنك تكون قد حققت سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي حرص على الإحسان والإتقان في كل شيء، فمن المهم أن يتقن الشخص ما يعمل، لكي يرضي اللهَ سبحانه، ويرضى عنه عز وجل في الدنيا والآخرة.


آيات عن إتقان العمل


توجد العديد من الآيات في القرآن الكريم عن أهمية الإخلاص في العمل، ومن الآيات الدالة على إتقان العمل، ما أشار إليه الله تعالى من خلق الجبال بنظام محكم، فقد قال في الآية الكريمة: ﴿وَتَرَى ٱلۡجِبَالَ تَحۡسَبُهَا جَامِدَةٗ وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِۚ صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍۚ إِنَّهُۥ خَبِيرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ﴾ (سورة النمل: 88.(

هنا، الله عز وجل شأنه يذكرنا ببديع صنعه في إتقان، وأنه بقدرته جعل دوران الأرض المستمر في سرعة محددة ضمن الكواكب الأخرى حول الشمس في سنة كاملة، وتدور حول نفسها مرة كل أربع وعشرين ساعة في إتقان. وهذا مثل واضح لإتقان العمل وأدائه بجودة فائقة.

وأبرز شيء يظهر من الأرض هو جبالها، ورغم عظمتها وثقلها، فإنها لا تسقط ولا يحدث اختلال في توازن الأرض أو الكون، وعندما تظهر الجبال أثناء دوران الأرض نفسها فإنها تكون في حركتها مثل السحاب الذي نراه يسير بهدوء. وكل هذا يحدث دون خلل.

ولو أتقن الإنسان عمله، وحرص على الإبداع فيه، فإنه يضع أمام عينيه المثل الأعلى لله عز وجل، فالآية تختتم بقول الله عز وجل: ﴿إِنَّهُۥ خَبِيرُۢ بِمَا تَفۡعَلُونَ﴾، فهو الذي يعلم من يؤدي صنعتهفي إتقان، وهو يحب الإتقان، حتى يعمُر الكون ويتلألأ بأعمالنا الجيدة التي تصب في صالح الجميع.

وضرب الله المثل بنفسه في إتقان العمل، عندما قال: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ (سورة التين: 4). فقد خلق الإنسان بإتقان في أحسن صورة.

كما جاء في القرآن: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ (سورة البقرة: 195). ومعنى هذا أن يقوم الفرد بالعمل بالصورة المثلى التي تحقق الرقي في الحياة، من خلال إتقان العمل في المجتمع، وذلك عندما يدرك كل فرد فيه ضرورة إتقان أي عمل.

والنصوص القرآنية عن الإتقان، منها: ﴿إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (سورة الكهف: 7). ومن هنا نعلم أنه بالإتقان ينال الفرد رضا ربه، عندما يفعل هذا ابتغاء وجه المولى. ويكون ذلك من خلال التسلح بكل معرفة يمكن أن تمده بالمهارات وكذلك الخبرة التي يكتسبها، وهذا يعني أني يعمل على تعلم ما يستطيع من برامج تؤدي إلى إثراء حياته العملية، وهو مهم في إنجاز الأمور بمهارة وإحسان، كي يكون أحد أسباب ارتقاء أمته بين الأمم، وهذا واجبٌ شرعيّ، ينال عليه المسلم الأجر والثواب من خالقه، خاصة أنه ليس للإنسان إلا ما سعى.

حديث عن إتقان العمل


إتقان العمل عبادة، ولا شك أن السنة النبوية قد احتوت على ما يحث على أداء العمل بإتقان، خاصة أن الإسلام يدعو الإنسان إلى التقوى، ومن مظاهره إتقانه عمله، فإذا أديت عملك بإحسان، فأنت تراعي ما دعا إليه الدين كل شخص بأن يتقن عمله الذي يقوم به.

ماذا قال رسول الله عن إتقان العمل ؟.. هناك أحاديث عن العمل، منها ما جاء عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه" (رواه البيهقي). وهذا الحديث يدل على الإتقان في العمل أمر محبوبٌ من الله ورسوله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو واجب شرعي، ومن يفعله يجد آثار ذلك، ويتمثل في السعادة في الدنيا والأجر والثواب في الآخرة.

وقد حثنا نبينا صلى الله عليه وسلم في الحديث على الجودة والإتقان في جميع الأمور و الأعمال، و المسلم الفطن هو من يحرص على الإتقان.

وهناك حديث شريف عن العمل أيضا، يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء" (رواه أبو داود). وفيه حث لإتقان العمل، كما يكشف عن أهمية إتقان العمل في الإسلام، فإذا أدى كل شخص على أحسن ما يكون دون خلل، فإنه يكون ممن التزموا بسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

كما يوجد حديث عن العمل رواه عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته". وفي هذا الحديث حث للإنسان على أن يؤدي ما يقوم به بأفضل صورة، فهو مسؤول عمن يرعاهم، ولذلك عليه أن يلتزم بمتطلبات عمله، ملتزما بضوابط ما يؤديه في الوقت المحدد.

وأداؤه هذا العمل يجب أن يكون نابعا من نفسه، وليس استجابة لأوامر من أحد بعد كلمة يتلقاها منه، فالأفضل أن يؤدي الشخص ما عليه بناء على دوافع داخلية، وليس أوامر خارجية.

ولنعلم أنه بالعمل الكريم القائم على الجودة تزدهر الحياة وينتشر الخير بين الناس.


حكمة عن إتقان العمل


من الحكم عن إتقان العمل في المجتمع القول المنسوب المنسوب للإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "قيمة كل امرئ ما يُحسن"، أي أن الإنسان يستمد قيمته ومكانته من العمل الذي يتقنه، فالعمل المتقَن يرفع قدره ومكانته بين الناس.

وقد علق ابن خلدون على مقولة الإمام علي في "المقدمة" بأن هذا يعني "أن صناعته هي قيمته، أي قيمة عمله الذي هو معاشه"، فإذا أتقن الإنسان عمله فإن ما يصنعه يدل عليه ويتحقق له الرواج بين الناس، وليس على عكس ما يظن بعض الناس من أن "الفهلوة" هي السبيل إلى كسب الربح الكبير. هذا صحيح على المدى القصير، ولكنه ليس صوابا على المدى الطويل؛ لأن من يجرب صانعا لا يجيد صنعته فإنه لا يلجأ إليه مرة أخرى، ويحاول البحث عمن هو معروف بإتقانه لصنعته.
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-