أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

دور الترجمة في إثراء الثقافة والعلوم

تلعب الترجمة دورا في إثراء الثقافة والعلوم ومن العلوم الصحية وعلى رأسها الطب

دور الترجمة في إثراء الثقافة والعلوم


    تلعب الترجمة دورا مهما في إثراء وإضافة الجديد إلى ثقافة الأمم، لتصبح أكثر قوة، ويحدث التلاقح بين المحلي والعالمي، بما يشمل العلوم المختلفة، ومنها التطبيقية والبحتة. ولا تكفي ترجمة "جوجل عربي لإنجليزي" للوصول إلى المعلومات، وإنما لا بد أن تكون هناك ترجمات احترافية مستمرة تثري الثقافة العربية.

أهمية الترجمة في تقدم الأمم:


    لا يمكن لعاقل في القرن الواحد والعشرين أن يظن أن الترجمة غير ضرورية أو أنها نوع من الترف الفكري، فهي إحدى وسائل الحصول على المعلومات التي صارت المعلومات في هذا القرن من أهم السلع، واستخدامها يمكن أن يؤدي إلى اكتشاف جديد أو حل مشكلة.

    وليست الدول النامية فقط هي التي تحتاج إلى الترجمة، فقد أدركت الأمم المتقدمة أهميتها في إحداث التقدم، ومنها اليابان التي تبذل جهودا ضخمة واتخذت لذلك شكلا منظما مبنيا على أسس سليمة، إذ تنقل إلى لغتها إصدارات دور النشر العالمية الكبرى فور صدورها (شوقي جلال: الترجمة في العالم العربي.. الواقع والتحدي، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، عام 1999، ص 21).

    وما تفعله اليابان يدل على إدراك أهمية الترجمة، فلكي يكون هناك بحث علمي لا بد من تكوين قاعدة قوية من المعارف والمعلومات؛ لأن اكتفاء المجتمع بما لديه يعد نوعا من القصور، والتفاعل والتلاقي بين الأمم ينتج عنه الإثراء، ولا يمكن أن يمتلك مجتمع وحده الحقائق.


أهمية الترجمة للوطن العربي:


    إذا كان حال الدول المتقدمة هكذا، فإن الوطن العربي أحوج ما يكون إلى الأخذ بهذا النهج، حتى يتخلص من كبوته، ولا بد من العزيمة والإرادة القوية مع التخطيط الجيد المعتمد على إدراك احتياجات المجتمع.

    وإذا كنا نبحث عن النهضة، فلا بد أن نعنى بترجمة العلوم البحتة والتطبيقية، فمن المؤسف أن نجد انصرافا عن نقل هذه العلوم، وأن يكتفي المتخصصون فيها بالقراءة مباشرة في المراجع الأجنبية، غافلين عن أن عليهم واجبا يجب أن يقوموا به، هو توصيل هذه المعلومات إلى أبناء مجتمعهم، حتى تسود الروح العلمية بينهم، عن طريق نشر الكتب المبسطة التي تساعد على فهم الحياة، وحتى لا يشعر بقية المواطنين بأنهم معزولون عن العالم وما يحدث فيه من تقدم، فالعلم في الوطن العربي يبدو شيئا غريبا وصعبا ويكاد يكون مقصورا على المتخصصين، في حين أننا نجد في الأفلام والمسلسلات الأجنبية لمحات منه، مما يدل على أنه جزء أساسي في حياة الغربي، ولذا لا بد من إعداد العقلية من خلال تقديم الخلفية التاريخية التكنولوجيا. (د. حامد طاهر: الدوائر المتداخلة.. إحياء التراث- الترجمة- التأليف، دار النصر، القاهرة، عام 1995، ص57 و58.).

الترجمة العلمية:


    ولأن ترجمة العلوم البحتة والتطبيقية تكاد تكون مقصورة على المتخصصين، فإننا لا نجد العدد الكافي من المترجمين الجيدين في هذا المجال، إذ قد يكون الواحد منهم متمكنا من مادته، لكنه ليس متقنا للغة الأجنبية، أو أن أسلوبه يفتقد السهولة والوضوح والتعبير، في حين أن الجمهور العام يميل إلى الكتب المبسطة التي تأخذ بيده في طريق العلم، وأما الصعب منها الذي لا يستوعبه إلا المتخصصون فإن الجمهور العام ليس بحاجة إليها. ونحتاج إلى كوادر تتميز بالإلمام وفهم العلوم، لأن الترجمة فن يحتاج إلى من يتقنه.

الترجمة مفتاح التقدم والرقي الثقافي:


    الحقيقة، أننا نحن العرب لا نولي الترجمة الاهتمام الذي يليق بها، رغم أنها مفتاح التقدم والسبيل إلى الرقي الثقافي، والدليل على ذلك قلة الكتب المترجمة إلى اللغة العربية، خاصة في مجال العلوم البحتة والتطبيقية التي تعد مهمة في هذا العصر لتحقيق التقدم.

    وتشير الإحصاءات إلى أن نصيب الوطن العربي من الترجمة كتاب واحد لكل مليون نسمة، في حين أنه في إسرائيل 100 كتاب لكل مليون نسمة، وفي أسبانيا 250. وهذه الإحصاءات تدل على الفارق الشاسع بين الوطن العربي والدول الأخرى التي تأخذ بأسباب التقدم، ومنها إسرائيل التي تتفوق علينا بالعلم، وإحدى وسائله الترجمة.


نقص كتب العلوم البحتة والتطبيقية باللغة العربية:


    تحتاج الترجمة إلى وعي بالهدف منها، وهو النهوض بالمجتمع، لذا يكون لزاما ألا تكون عشوائية أو خاضعة للهوى، والواقع يتطلب معرفة الاحتياجات في الوطن العربي، وإذا حددناها سنجد أنه يعاني من النقص في كتب العلوم البحتة والتطبيقية باللغة العربية، بسبب عدم وجود اهتمام بهذا الجانب.

    ونستطيع أن نقول إن ترجمة هذه العلوم شبه منعدمة، لذا نحتاج إلى التخطيط لنستفيد من جميع الجهود بدلا من التكرار، فقد يحدث أن ينقل كتاب إلى العربية في أحد البلدان، ثم يتكرر هذا في قطر آخر، لذا فإن الأمر يستلزم التنسيق بين الجهات المختلفة المعنية بهذه القضية.

مؤسسة عربية للترجمة:


    وإذا كانت هناك بعض المؤسسات التي أولت الترجمة اهتماما كبيرا، إلا أن هذه المشروعات محدودة، ويحتاج الوطن العربي إلى مؤسسة كبرى لتفادي التكرار ، ولتلبية احتياجات المجتمع.

    وقد طرح فكرة المؤسسة شوقي جلال في كتابه "الترجمة في العالم العربي.. الواقع والتحدي"، وحدد فيه أهدافها، بأنها تجمع وتوحد وتنسق الجهود المبذولة، وتكون بعيدة عن الطابع التجاري والاختيارات الفردية والعشوائية، وتفتح قنوات للتواصل والتفاعل مع المجامع العلمية لتوحيد المصطلحات. كما تتولى بالتنسيق مع الناشرين، إصدار ثبت ببليوجرافي سنوي يتضمن الترجمات المنشورة، وتتواصل مع دور النشر الأجنبية، وتطلع على القوائم المستقبلية تحت الطبع، وتتفق مع المؤسسات الحكومية في الدول العربية لإصدار كتب وترجمات علمية. وتعمل المؤسسة على إنشاء رابطة للمترجمين للتنسيق بينهم. ويمكن أن تتلقى الدعم المالي عن طريق فتح باب الإسهامات التطوعية من الأفراد، بالإضافة إلى تبرع شركات عربية بجزء ضئيل من أرباحها (الترجمة في العالم العربي: ص 139 – 142).

    فكرة المؤسسة ذات أهمية كبيرة، لأنها تمنع التكرار، وينبغي أن يضاف إلى أهدافها إعداد المترجمين إعدادا جيدا، وأهم صفة تميز واحدا منهم عن غيره هي الأسلوب، وهو ما يدفع القارئ إلى الاستمرار في الاطلاع، في حين أن الركاكة تصيبه بالملل، فينصرف عن استكمال الكتاب الذي بين يديه. وهذه الملكة تختلف من شخص إلى آخر، لكنها مع ذلك تحتاج إلى دربة ومران، عن طريق الإكثار من القراءة وتنمية الثروة اللفظية. والترجمة بالمعنى أفضل من الحرفية، ومن الأفضل نقل روح النص، مع عدم تغيير المعنى.

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-