أقسام الوصول السريع ( مربع البحث )

لماذا نحتاج إلى قانون حماية اللغة العربية؟

 

تحتاج اللغة العربية إلى قانون لحمايتها من الإهمال وهيمنة اللغة الإنجليزية

لماذا نحتاج إلى قانون حماية اللغة العربية؟

    تحتاج اللغة العربية إلى قانون لحمايتهما من هيمنة اللغات الأجنبية، خاصة اللغة الإنجليزية التي احتلت أسماء العديد من المحلات في مصر والوطن العربي، وأصبحت لغة التعليم في مدارس اللغات، وهو ما دعا النائبتين سولاف درويش ومنى عمر إلى تقديم مشروعين بقانونين إلى مجلس النواب المصري، بهدف حماية اللغة العربية.

    ويؤثر هذا الوضع على الأمن القومي للبلاد، فالشاب الذي تعلم الثقافة الأجنبية ولم تترسخ لديه ثقافته المحلية، يضعف لديه الشعور النفسي بالانتماء إلى بلده، وفي الوقت نفسه يشعر بأنه جزء من ثقافة قوم آخرين، لكنه ليس واحدا منهم، فيتكون أفراد لا يعرفون إلى أي بلد ينتمون، وهو ما ينتج- في النهاية- شعبا يعاني من أنه "مسخ مشوه"، ويعاني هذا الشعب من الضعف اللغوي في لغته القومية.

اللغة المكون الأول في الهوية:


    اللغة هي المكون الأول والأهم في هوية الأفراد والمجتمعات، وإذا ضعفت هذه اللغة فإن المجتمعات تعاني من الضعف والتمزق. وتعني الهوية ببساطة: من أنت؟ وما هي السمات التي تميزك عن الآخرين؟

    وفي حالة الوطن العربي، فإن اللغة العربية هي التي تجمع هذه المساحة التي تمثل جزءا كبيرا من الكرة الأرضية، ولو تخلت كل دولة عن لغتها، فإنه لن يكون هناك رابط بينها، وتتحول إلى تابعة متفرقة، لا يجمعها شعور موحد يقوم على المشترك بينها، وهو اللغة والتاريخ والتراث.


مشروع قانون النائبة منى عمر للغة العربية:


    يتضمن مشروع النائبة منى عمر عناصر تمثل دفعة قوية لوضع اللغة في المكانة اللائقة بها، فالمادة الخامسة تشترط كتابة العلامات التجارية بالعربية، وإلا فإنه لا يمكن التسجيل.

    كما تلزم المادة السابعة المصانع والشركات بإطلاق أسماء عربية على المنتجات، وتكون عقوبة المخالفة سحب الترخيص.

    وألزمت المادة الحادية عشرة شركات النقل بوضع أسماء عربية على مركباتها، مع فرض غرامة تتراوح بين عشرة آلاف جنيه وخمسين ألف جنيه في حالة المخالفة. وهذه العقوبات تضمن الالتزام بالحرص على اللغة. ومن المهم أن تكون هذه الجهات قدوة في الالتزام بمواد القانون، فتبادر إلى تطبيقها على المؤسسات التابعة لها.

خطوات عملية لتعزيز مكانة اللغة العربية:


    يشتمل مشروع النائبة منى عمر على خطوات عملية في اتجاه تعزيز مكانة اللغة العربية، فقد ألزمت المادة الثامنة باجتياز امتحان اللغة العربية للحصول على الوظائف الحكومية.

    كما حرص مشروع القانون على ترسيخ اللغة العربية لدى الأطفال والناشئين بإلزام قنوات الدولة بإنتاج أفلام كارتون بالعربية الفصحى، إضافة إلى تعزيز اللغة لدى الكبار بإنتاج أعمال درامية باللغة العربية الفصحى. وتمكن الإضافة إلى هذه المادة بالسماح للقنوات الخاصة بالمشاركة في هذا الاتجاه؛ لتوسيع المجال، وإتاحة الفرصة للمبدعين للتنافس في تقديم أعمال تحظى بالقبول لدى الجمهور.

    وأرى أن تضاف مادة أخرى في مشروع القانون، تلزم الجامعات بإعداد امتحان لقياس القدرات في اللغة العربية ليكون شرطا للتخرج في الجامعة، وهو ما يعمل على إيجاد خريج قادر على فهم لغته القومية، على أن يكون هذا الامتحان شبيها بامتحان التويفل في اللغة الإنجليزية؛ للتأكد من امتلاك الطالب مهارات اللغة العربية.

ملاحظات على مواد في مشروع قانون النائبة منى عمر:


    من المواد التي تحتاج إلى مراجعة في مشروع قانون النائبة منى عمر، المادة السادسة التي تفرض عقوبات على عدم التزام وسائل الإعلام الرسمية المسموعة والمرئية بالالتزام باللغة العربية الفصحى، فقد اقتصرت هذه المادة على وسائل الإعلام الرسمية ولم تشمل وسائل الإعلام الخاصة.

    ومن ناحية أخرى، فإن الالتزام بالعربية الفصحى في جميع البرامج مطلب يمكن وصفه بأنه "مستحيل"، إذ يمكن تصنيف البرامج إلى فئات، فهناك البرامج الإخبارية، ومنها نشرات الأخبار، وهذه يمكن الالتزام فيها بالفصحى، وكذلك البرامج الثقافية، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك قصائد بالعامية يكون مسموحا ببثها في هذه البرامج.

    ومن الصعب فرض الالتزام بالفصحى في البرامج الحوارية، وإنما يمكن إلزام مقدمي هذه البرامج بالتحدث بالفصحى بأكبر قدر ممكن، مع الامتناع عن حشو عباراتهم بكلمات أجنبية إذا كانت هناك كلمات عربية مقبولة تعبر عنها، وهو ما يمكن أن يرتقي بهذه البرامج، لتنتقل عدوى الفصحى من مقدمي البرامج إلى الضيوف المشاركين، وذلك بصورة تدريجية.

مشروع قانون النائبة سولاف درويش للغة العربية:


    وأما مشروع قانون النائبة سولاف درويش، فإنه يتضمن مواد عملية ورصينة تساهم في انتشار اللغة العربية الفصحى، وتشبه مواد هذا المشروع المواد الواردة في قانون حماية اللغة العربية الأردني. ولكنه، في مجمله، يحوي مواد في غاية الأهمية، ومنها المادة الرابعة التي تشترط أن تكون الإعلانات في الأماكن العامة ووسائل النقل باللغة العربية الفصحى، وأنه في حالة إضافة ترجمة من لغة أخرى إلى الإعلان فإنها تكون بخط أصغر، وأن تكون الأفلام الأجنبية المعروضة في مصر مصحوبة بترجمة إلى اللغة العربية.

    ويعالج مشروع قانون النائبة سولاف دوريش ظاهرة استشرت في المجتمع المصري، وهي كتابة أسماء المحلات باللغة الإنجليزية، فقد ألزمت المادة الخامسة من المشروع بكتابة أسماء المؤسسات العامة والتجارية، وكذلك أسماء الشوارع والأحياء والشواطئ والمنتزهات.

ملاحظات على مشروع قانون النائبة سولاف درويش:


    هناك بعض الملاحظات على مشروع قانون النائبة سولاف درويش، منها أنه ذكر في المادة الثانية "مجمع اللغة العربية" دون تحديد، أي أنه يجب أن يكون "مجمع اللغة العربية بالقاهرة"، وهذا هو اسمه المعتمد. وبالمثل، هناك أخطاء في أسماء بعض الوزارات والهيئات في المادة الثامنة عشرة من المشروع، فقد ذكر "وزارة الصناعة والتجارة" والصواب "وزارة التجارة والصناعة"، و"وزارة التموين" واسمها الرسمي هو "وزارة التموين والتجارة الداخلية"، و"هيئة الإعلام" والصواب هو "الهيئة الوطنية للإعلام".

    وألزمت المادة الخامسة من مشروع القانون بكتابة "الشوارع" باللغة العربية والصواب "أسماء الشوارع"، و"المؤسسات التجارية" والصواب "أسماء المؤسسات التجارية".

    وتمنع المادة الثانية من مشروع القانون استخدام أي لغة سوى اللغة العربية، لأنها اللغة الرسمية في مصر. وهذا المطلب مستحيل، ويتناقض مع إمكانية إضافة لغة أجنبية بخط أصغر في الإعلانات، كما في المادة الرابعة من المشروع.

    ويتضمن مشروع القانون عقوبة لمخالفة مواده، تتمثل في غرامة تتراوح بين ألف جنيه وعشرة آلاف جنيه، وهي عقوبة غير رادعة؛ لأن المبلغ ضئيل، ويسمح لأي شخص بمخالفة القانون بسداد مبلغ الغرامة، ثم يفعل ما يشاء. والعقوبة الموجودة في مشروع النائبة منى عمر هي الأفضل، لأنها تتراوح بين عشرة آلاف جنيه وخمسين ألف جنيه.


القانون بداية لإعادة هيبة اللغة العربية:


    في الواقع، سعي النائبتين إلى إقرار قانون لحماية اللغة العربية، هو أمر جيد، ويستحقان الشكر لأجله. ويمكن أن يكون القانون بداية لإعادة الهيبة إلى اللغة العربية، وهي اللغة الرسمية في البلاد. ولكن من المهم أن تلي هذه الخطوة، خطوات أخرى نحو تعزيز مكانة اللغة العربية، وإظهار أهميتها للنشء والشباب، وأن تيسر البرامج والوسائل الممكنة للنهوض بها، مع تسهيل قواعدها، والتركيز على تلافي الأخطاء فيها، والتشجيع على قراءة النصوص التي تساعد على التمكن من اللغة العربية، وأولها القرآن الكريم، ثم يليه القراءة الحرة في الشعر والرواية والأعمال الفكرية، ولدينا ثروة هائلة من الكتب العربية التي تساعد في هذا المنحى، لنصل- في النهاية- إلى أن يعتاد الجمهور على الاستمتاع باللغة العربية من خلال قراءة النصوص الشيقة، بدلا من الشعور بأنها مادة صعبة وثقيلة، وبالمران ومع مرور الوقت نصل إلى الغاية من الارتقاء باللغة العربية في المجتمع.

 

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-