كتاب مت فارغا لتود هنري .. تنمية الإبداع والمواهب
كتاب "مت فارغا" من تأليف: تود هنري، وترجمة: عمر فايد. وصدرت ترجمته العربية عن دار "صفحة 7". وهذا الكتاب من أهم كتب التنمية البشرية وتطوير الذات، ويعتمد على أنه لا بد أن يعمل الإنسان على تنمية الإبداع والمواهب التي يتمتع بها وأن يقدمها للناس قبل أن يموت. ولذلك يجب أن يبحث الإنسان عن كيفية استغلال الموهبة.
كتاب "مت فارغا" لتود هنري:
يركز كتاب "مت فارغا" لتود هنري على فكرة أن الإنسان لا بد أن يقدم أفكاره وخبراته قبل أن يموت، حتى يكون له إسهام في هذا العالم. ويتضمن الكتاب سلسلة من الإجراءات التي تساعدنا لنقدم أفضل ما لدينا، ولكي تكون أعمالنا أكثر قيمة.
وأهم وصفة ينصح بها المؤلف هي أن تلتزم بالانضباط الذي يجعلك تقدم إضافات جديدة كل يوم، وذلك أفضل من الغرق في أفكار مؤجلة لا تتحقق على أرض الواقع.
ويروي المؤلف أن أحد أصدقائه طرح سؤالا- يوما ما- عن أعلى الأماكن قيمة في العالم، فذهبت الإجابات إلى جبال مانهاتن وحقول النفط ومناجم الذهب، ولكن الصديق أشار إلى أنها المقابر؛ لأنها دفنت فيها كل الأفكار المؤجلة التي لم تتجسد على أرض الواقع.
كيف تموت فارغا؟:
لا تعني فكرة أن "تموت فارغا" بذل مجهود كبير يصل إلى درجة الإرهاق والإعياء، أو أن تقتصر على العمل وتهمل الجوانب الأخرى من حياتك، وإنما المقصود أن تحقق معدلا ثابتا من الإنجاز كل يوم، وأن تقدم اللمسات الإبداعية التي لا توجد لدى غيرك.
ويبين المؤلف أن هناك ثلاثة أنواع من العمل:
- النوع الأول: هو الخرائط، وتعني التخطيط ورسم الأهداف وتحديد الأولويات. وهذه الخطوة تسبق الدخول في صُلب العمل، وتجعلك على الطريق الصحيح، وتوفر لك الوقت والجُهد.
- النوع الثاني: هو العمل الفعلي، وتعتمد هذه الخطوة على تحويل التخطيط إلى واقع، فهو بمثابة تنفيذ المهام، وهذا الجانب هو الذي يأخذ الوقت الأكبر في العمل.
- النوع الثالث: هو التفاعُل، وهذه الخطوة ذات أهمية كبيرة؛ لأنها من العوامل القوية لتحقيق النجاح طويل المدى. ويساعد التفاعل في تنمية المهارات، وتطوير الأداء والأنشطة. ورغم أهمية التفاعل، إلا أن الكثير من الناس يغفلون عن هذا الجانب.
ويختلف الناس في طريقة تعاملهم مع الأنواع الثلاثة للعمل، فهناك من يركز على التخطيط، ولا يتجاوزه إلى العمل، وهناك من يخطط وينفذ، ولكنه بطيء في التفاعل.
والشخص الذي يحقق نجاحا طويل المدى هو الذي يحافظ على التطور المستمر، وابتكار طرق جديدة في العمل، وعدم السماح للظروف بإعاقته عن مسيرته. ويحتاج اكتساب المهارات الجديدة إلى مزيد من الجهد، وهو ما يعني النمو المتواصل، وأما إذا توقف الشخص عن النمو، فإن هذا يعني أنه يتجه إلى الموت. وما يحدث مع الأشخاص في هذا الشأن، ينطبق على الشركات، فالابتكار الدائم يحافظ على حصتها في السوق.
وللاستفادة، يمكن الاطلاع على مقال: تجربة برايان تريسي في الانتقال من الفشل إلى النجاح.
هدف كتاب "مُت فارغا":
يهدف كتاب "مت فارغا" لتود هنري إلى أن تنطلق في إنجاز عمل عظيم بصورة دائمة. ويبين أن هناك سبعة أعداء تدمر الشخص، وتجعله في غير الاتجاه الصحيح، هي:
- الوهم: يجب أن تعرف قدراتك ولا تحاول أن تدَّعيَ موهبة لا تمتلكها.
- الملل: من الممكن أن يكون الملل معبرا عن الاستعداد لإحداث طفرة في العمل، لكنه يكون مدمرا عندما نستسلم له فيصيبنا بالركود، ولذلك فإن الناجحين يتمسكون بالفضول الدائم للوصول إلى الأفضل.
- الراحة: بعض الناس يستسلم للراحة بعد تحقيق درجة من النجاح، وهو ما يؤدي إلى الركود، ولذلك لا بد من تطوير المهارات بصورة مستمرة.
- التشتت: لا بد أن تكون لديك استراتيجية واضحة للنجاح، تعتمد على تحديد المعوقات وكيفية تجاوزها، حتى تنتقل من خطوة إلى أخرى، وتسير صَوب هدفك مباشرة.
- تضخم الأنا: لا يستطيع الإنسان أن يكون ناجحا في كل شيء، فهناك أمور يفشل في عملها. وهناك من يلقي اللوم على الآخرين في حالة الفشل، ولذلك لا بد من التخلص من تضخم الأنا، والاستعداد للتعلم المستمر وتصحيح الأخطاء.
- الحَذَر: احذر أن يؤدي بك العمل العظيم إلى إهمال العلاقات بالآخرين، من زملاء العمل والمديرين والعملاء، وذلك حتى لا تحرم نفسك من الفرص المهمة للنمو.
- الخوف: يخاف بعض الناس من خوض التجربة، وعادة يكون الخوف نابعا من المجهول الذي ينمو في الخيال، ولذلك لا بد من اتخاذ خطوات نحو العمل بخطط واضحة، وأن تكون مستعدا لخوض التجارب وتجاوز المصاعب.
الموت فارغا وتنمية الإبداع والمواهب:
يؤكد تود هنري مؤلف كتاب "مت فارغا" أنه لكي تنتصر في جميع الحروب، لا بد أن تنتقل من فوز إلى آخر في معارك متوالية. وهذا هو حال الشخص الناجح الذي يعمل على تنمية الإبداع والمواهب ويقدم إسهامات واضحة، إنه يتخذ قرارا يتلوه قرار آخر، وهكذا، فإنه لا يستسلم ولا يركن إلى منطقة الراحة، فهو يكتسب أرضا جديدة كل يوم ويحافظ على ما حققه من إنجازات. وعليك أن تقول "نعم" لأي خطوة جديدة تأتي لك بإنجاز يضاف إلى رصيدك، وأن تكون على استعداد لأن تواجه المخاطر، لأن التحديات هي التي تساعدك على التطور الدائم.
ابحث عن كيفية استغلال الموهبة، ولا تدع الفرص تهرب منك، بادعاء أن هناك من هم أقدر منك على إتمام هذا المشروع، وإذا تركت كل مشروع يعرض عليك، فإن منطقة الراحة التي تفضلها، ستتحول إلى قوة خانقة، وستكون سببا في موت الإبداع لديك، وثق تماما بأن النمو لا يمكن أن يتحقق إلا ببذل الجهد القائم على وضع أهداف قصيرة وأخرى متوسطة وثالثة طويلة المدى، وذلك حتى تشعر بالتقدم في أعمالك.
تنمية الإبداع والمواهب بالعيش فارغا:
يقدم تود هنري مؤلف كتاب "مت فارغا" عدة نصائح لكي يعيش الشخص فارغا يعمل على تنمية الإبداع والمواهب. ومن أهم هذه النصائح أن تقضي من خمس عشرة (15) إلى عشرين (20) دقيقة يوميا، تراجع فيها يومك، وترى هل قضيت الوقت في إنجاز مهام تمنحك الشعور بالتقدم مثل الرد على البريد الإلكتروني والمكالمات، وجعلت الأنشطة ذات الفاعلية على الهامش؟. وهذه المراجعة تجعلك تركز على النمو الحقيقي، والبحث عن كيفية استغلال الموهبة. ويمكنك قراءة المزيد عن أهمية عدم إهدار الوقت في أشياء غير ضرورية من خلال قراءة كتاب فن اللامبالاة لمارك مانسون.
يشير المؤلف إلى أن هناك خمس خطوات تحتاج إلى اتباعها أثناء المراجعة اليومية لعملك، هي:
- الأخلاق: يجب أن تراجع التزاماتك وواجباتك تجاه أخلاق المهنة.
- الأهداف: حدد أهدافك، ووجه مواردك إليها. والنجاح طويل المدى، يأتي عن طريق النجاحات اليومية المتواصلة. إذا أنجزت شيئا صغيرا كل يوم، فإنك تتجه إلى إحراز تقدم كبير نحو هدفك الأكبر. وعليك أن تركز على الأولويات الأكثر أهمية، وتزيل من قائمتك كل ما ليس له أهمية.
- الأشخاص: فكر في الأشخاص الذين ستتفاعل معهم، وحاول أن تغلق الثغرات المفتوحة بينك وبينهم من خلال المناقشة، للوصول إلى وضع أفضل في التفاهم. وعليك- أيضا- التفكير في كيفية مساعدة الآخرين بصورة غير متوقعة.
- المهام: تعامل مع المهام التي ستنجزها بلهفة واجتهاد، وحاول أن تنتهي من الأولويات قبل أي شيء آخر، وما يتبقى من وقت خصصه لباقي المهمات. ولا بد أن تحل المشكلات العالقة حتى لا تكون سببا في عشوائية العمل.
- الاهتمام بالنفس: تحتاج إلى أن تمضي بعض الوقت لتحلم بما تريد أن يتحول إلى حقيقة، وأن تبحث عن الأمنيات التي استقرت في الهامش، لتعيد التفكير فيها وتعمل على تحقيقها.
النجاح وتنمية الإبداع والمواهب:
ينبه تود هنري مؤلف كتاب "مُت فارغا" إلى أنه ليست هناك وصفة جاهزة للنجاح وتنمية الإبداع والمواهب، وهذه هي المشكلة التي يعاني منها كثير من الناس، عندما يغرقون في بحر من المعلومات في الكتب ومواقع الإنترنت وما يتلقونه من الأصدقاء، لكنهم يجدون أنها غير ملائمة لهم. لذلك، عندما تطبق نصائح الآخرين، ضع الخطة التي تناسبك أنت وتتوافق مع ظروفك وإمكانياتك. ولا بد أن تكون مستعدا لاحتمالات الفشل، وأن توقن بأن التعلم من الأخطاء سيقودك إلى النجاح، ويجب أن يصحبه البحث عن كيفية استغلال الموهبة.
ويوضح مؤلف كتاب "مُت فارغا" أن هناك شرطا مهما للنجاح وتنمية الإبداع والمواهب، هو وجود "الدافع"، فعلى سبيل المثال، إذا كانت سيارتك بها وقود، وتعرف المكان الذي ستتوجه إليه، ولكن ليس لديك استعداد لتشغيل المحرك ووضع قدمك على دواسة الوقود، فإنك لن تذهب إلى المكان الذي تريده، فالنية وحدها لا تكفي، وإنما لا بد من اتخاذ إجراءات لتحقيق الهدف. وعليك أن تحافظ على هذا الدافع؛ لأنه هو الذي يمنحك النشاط والقدرة على المضي في العمل الذي تقوم به، ويحميك من الشعور بالفتور الذي يعوقك عن استكمال ما تريد. ومن يكملون الطريق يحصدون الجوائز، وأما من يتراخى فإنه لا يحصد النتائج.
ويختم المؤلف كتابه بالتشديد على أهمية ألا تضيع وقتك في البكاء على الماضي، وأن تستفيد من طاقتك في تقديم ما هو مفيد للعالم، وأن تتذكر أن مقياس نجاحك في الحياة بمقدار تقدمه من عطاء، وليس بما تأخذ منها، ولذلك، قدم عملا جديدا كل يوم، بسرعة واجتهاد؛ لتأوي إلى فراشك راضيا عن نفسك وحياتك، غير نادم على تضييع وقتك.