كتاب فن اللامبالاة لمارك مانسون .. كيف تعيش حياة سعيدة؟
كتاب فن اللامبالاة لمارك مانسون من أهم الكتب التي تدلك على الطريقة التي تجعلك تعيش وسط ضغوط الحياة المعاصرة، لكي تنعم بحياة سعيدة مع الله ومع زوجك أو زوجتك وفي بيتك، وأن تعيش بدون تفكير ينغص عليك حياتك. والكتاب بمثابة نصائح للعيش في الحياة، وإجابة عن السؤال: كيف تعيش حياة مثالية؟. ولذلك كان كتاب فن اللامبالاة من أهم الكتب التي حرص على قراءتها لاعب الكرة الشهير محمد صلاح.
كتاب فن اللامبالاة لمارك مانسون ترجمه الحارث النبهان. وصدرت الطبعة الأولى من الترجمة العربية للكتاب ضمن منشورات الجمل عام 2018.
يؤكد هذا الكتاب أن الحياة لا يمكن أن تخلو من الصعوبات، وأن الصعوبات تسبب لنا الآلام، لكنها تقودنا إلى النجاح والتخلص من الفشل.
يأتي هذا الكتاب مخالفا لكتب التنمية البشرية الأخرى التي تدفعك إلى تبني توقعات إيجابية، بأن تكون أكثر سعادة، أو أفضل صحة، أو أحسن من الآخرين، وترفع معدلات آمالك، لكنها تزيد توقعاتك بصورة غير واقعية.
كتاب فن اللامبالاة ومخالفة ثقافة التوقعات الإيجابية:
يشير كتاب "فن اللامبالاة" إلى أن ثقافة تبني التوقعات الإيجابية تركز على ما ينقصك، وتجعلك تنظر إلى مواضع فشلك، بدلا من أن تقودك إلى النجاح. ومن الأمور التي يضرب بها المؤلف مثلا، أنها قد تدفعك إلى أن تقف أمام المرآة، لتردد أنك "جميل"، وهذا ناتج عن شعورك بأنك لست جميلا.
وينبه المؤلف إلى أن التركيز الشديد على التطلع إلى الإيجابية، أي أن نكون أفضل، لا يفيدنا بشيء سوى ترسيخ أننا في حال سيء، ولذلك فإن الوقوف أمام المرآة لترديد بعض العبارات لا يغير شيئا من الواقع.
ويلفت مارك مانسون مؤلف الكتاب إلى أن الإعلانات تركز على هذا الجانب، وهو عدم الرضا عن حياتك، فتلح عليك أن تشتري سيارة تتميز بالفخامة عن سيارتك، أو أن تسكن في بيت يكون من مكوناته حمام السباحة، وهم- بهذا- يجرونك إلى أن تدفع أكثر، لأنك تبحث عن الأفضل دائما.
كيف تحقق الشركات الأموال من ترسيخ فكرة "المبالاة":
ويشير المؤلف إلى أن الفكرة هي أنهم يجعلونك دائما في دائرة "المبالاة"، فتطلب المزيد، وهذا هو ما يهم الشركات، فكلما زاد عدد المشترين زادت أرباح الشركة، وحققت المزيد من المال.
وينبه كتاب "فن اللامبالاة" إلى مشكلة يعاني منها كثير من الناس في العصر الراهن، وهي أنه عندما تنظر في وسائل التواصل الاجتماعي، ومنها "الفيس بوك"، تجدها تتدفق بالمنشورات التي تمتلئ بالجوانب الإيجابية والجميلة في حياة الأشخاص، وهو ما جعل الكثير من الناس يمتنعون عن التعبير عن المشاعر السلبية في هذه الوسائط، مثل القلق والخوف، فكل شيء في هذه الوسائل جميل، ولا يوجد جانب آخر، وهو ما يجعلك، في المقابل، تشعر بأنك شخص تعيس، فالآخرون سعداء، يحققون ما يريدون، وأنت تعيش حياة بائسة.
ونتج عن هذا المسلك انتشار "حلقة جهنمية"، جعلت الكثير من الناس تحت ضغط نفسي متزايد، يصل إلى درجة كراهية النفس، فإذا وجدت الكل سعداء على "الفيس بوك" فإنك تظن أن المشكلة فيك أنت، وهو ما يجعلك تشعر بالذنب، ويقودك إلى أن تكون أكثر إحباطا.
ولذلك يضع مارك مانسون أيدينا على طريقة الخروج من هذا المأزق الصعب، وهو "اللامبالاة"، وهذا ما سينتج عنه جوانب إيجابية، منها:
- إنه يجعلك تعود إلى الوضع الطبيعي الذي كان عليه العالم، فلا يكون لديك إفراط في الاهتمام.
- ستضع كل شيء في حجمه الحقيقي.
- سيبطل مفعول "الحلقة الجهنمية" التي تتكرر يوميا في حياتنا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تجعلنا أكثر تعاسة.
- ستتوقف عن كراهية نفسك.
فن اللامبالاة والتخلص من الضغوط:
يشير مارك مانسون مؤلف كتاب "فن اللامبالاة" إلى أن نمط الحياة السهل الذي نعيشه خلال العقود الأخيرة، جعل البشر يعاني من مشكلات صحية نتيجة الضغط النفسي المتزايد. ولذلك، ارتفعت حالات القلق والاكتئاب، رغم أن كل شيء أصبح ميسرا، فالمشتريات تصل إلى باب بيتك، لكن الأزمة لم تصبح مادية، وإنما صارت أزمة وجودية وروحية، فكل شيء قد زاد عن الحد، إلى درجة أننا لا ندري ما الشيء الذي يجب أن نوجه إليه اهتمامنا، وهو ما يجعلنا نتمزق من الداخل.
يعتمد فن اللامبالاة الذكي على أن ترتب أولوياتك ترتيبا حقيقيا، وتختار ما يهمك، وتنحي جانبا ما لا يهمك. وهذا الأمر يحتاج إلى إصرار، مع تكرار المحاولة، لأنك قد تفشل عدة مرات، لكن إنقاذ نفسك من "الدائرة الجهنمية" يحتاج إلى صبر ومثابرة.
وجود الكثير من الاهتمامات قد يضرك ولا ينفعك، لذلك لا بد من التركيز على بعض الاهتمامات التي تستحق أن تعمل عليها. وأما الاهتمامات الثانوية، فتحتاج إلى أن تقلل عنايتك بها، لأنها تجعل حياتك فقيرة خالية من الاهتمام الحقيقي الذي يعود بالنفع عليك، فتركيز اهتمامك على صور الأصدقاء في "الفيس بوك" قد يأخذ منك وقتا تحتاج إليه في الاهتمام بأشياء أخرى أكثر جدوى.
أهمية " فن اللامبالاة" في حل المشكلات:
البشر يبحثون عن السعادة، لكن الحياة لا تخلو من المشكلات. وما لا يعلمه كثير من الناس أن السعادة تكمن في شيء مهم هو "حل المشكلات"، وليس في عدم وجود المشكلات. ولذلك، فإن السعادة تحتاج إلى عمل ونشاط بصورة مستمرة. وبعض المشكلات يكون صغيرا، وبعضها الآخر يكون معقدا، لكن- في النهاية- حل المشكلات هو الذي يأتي لك بالسعادة. وبعض الناس يفسدون هذا الأمر بطريقتين:
الطريقة الأولى في "فن اللامبالاة":
إنكار وجود المشكلة من الأصل، وهو ما يشعرهم بالراحة، لكن على المدى القصير.
الطريقة الثانية في "فن اللامبالاة":
الارتياح إلى "ذهنية الضحية"، وذلك بإراحة النفس، وإلقاء اللوم على الآخرين وعلى الظروف الخارجية، لكن هذا يؤدي إلى العجز واليأس من حل المشكلة.كيف تعيش حياة سعيدة:
كيف تعيش حياة سعيدة؟. هذا السؤال يبحث عن إجابة له الكثير من الناس. وقد أوضح مارك مانسون في كتابه "فن اللامبالاة" أن تحقيق الأحلام والآمال، لا يمكن أن يخلو من المرور بطريق الآلام، فإذا أردت الحصول على بيت جديد أو وظيفة تحلم بها، فلا بد أن تكافح لتصل إلى ما تريد، ففي حالة الوظيفة التي تسعى إليها، قد يتطلب منك هذا العمل لمدة ستين ساعة في الأسبوع، أو أن تكون غارقا وسط كومة من الأوراق، أو السفر لساعات طويلة إلى أماكن العمل.
إذا كنت تبحث عن السعادة مع زوجك أو زوجتك في البيت، عليك أن تدرك أن السعادة لا تأتي من الراحة، وإنما تستلزم السعي وبذل الجهد، وأن تكون في صراع مع المشكلات، وعندما تصل إلى الحل واجتياز العقبات، فإنك تكون قد وصلت إلى المكسب الحقيقي الذي يجعلك تشعر بطعم الإنجاز.
الكثير من أصحاب المشروعات الناجحة لا يصلون إلى الإنجاز إلا بعد ساعات طويلة من العمل ومحاولات فاشلة متكررة، لكنهم يتحملون الآلام في سبيل الوصول إلى ما يريدون. والأمر نفسه مع أصحاب البطولات الرياضية، فهم يقضون الكثير من الوقت في التدريبات الشاقة حتى يصلوا إلى المستوى المطلوب.
من يريد الوصول إلى أهدافه، لا بد أن يمر بطريق الصعوبات والآلام، وإلا فإنه لن يتجاوز الأحلام. ولذلك لا بد أن تسأل نفسك: هل أنت مستعد لخوض الصراع من أجل ما تريد؟.
والأمر الذي يجب أن تضعه في بالك، هو أنه لا يوجد شخص ناجح في كل شيء، فبعض رجال الأعمال الناجحين فاشلون في حياتهم الشخصية، وبعض الرياضيين المتميزين بليدون في التفكير.
نصائح للعيش السعيد في الحياة:
يقدم مارك مانسون في كتابه "فن اللامبالاة" نصائح للعيش في الحياة، وذلك حتى تعيش حياة مثالية بدون قلق أو قلق أو توتر أو تفكير ينغص عليك معيشتك. ولذلك ينبه المؤلف إلى أن الأغلبية العظمي من البشر متوسطون في القدرات، والاستثناء من هذه القاعدة قليل. والأشخاص الاستثنائيون، وصلوا إلى ذلك عن طريق تطوير الذات بصورة مستمرة. وما يأتينا عبر الإنترنت وفي الأخبار، هو أفضل الأفضل، وأسوأ الأسوأ، ولذلك نجد أنه مما يعرض علينا في مجال الإعلام يوميا أكبر الإنجازات الرياضية وأكثر الأخبار إزعاجا. وقد ساعد في إبراز هذا الأمر ما حدث من تطور في تكنولوجيا الاتصالات والتسويق الجماهيري، وقد أدى هذا الإغراق إلى شعور كثير من الناس بالإحباط، لأنهم يشعرون بأنهم عاجزون.
يشير مؤلف كتاب "فن اللامبالاة" إلى أن هناك مجموعة من القيم الشائعة لدى كثير من الناس، تسبب لهم المشكلات، منها:
- المتعة: بعض الناس يجعل المتعة هدفهه الأول، لكن الواقع أنها ليست سببا في السعادة، وإنما هي أثر من آثار السعادة، عندما نحقق شيئا مهما.
- النجاح المادي: يعتقد بعض الناس أن النجاح يعتمد على الكسب المادي، ومن مظاهره اقتناء سيارة أكثر فخامة أو منزل أفضل. والحقيقة، أن أثر هذا النوع من السعادة ينتهي عقب الوصول إلى هذا الهدف المادي.
- اعتقاد أنك على صواب دائما: يخطئ من يعتقدون أنهم على صواب دائما، ومن يفعل هذا يحرم نفسه من التعلم من الأخطاء وتطوير الذات.
- الحرص على الإيجابية: هناك أشخاص لا يحبون الخسارة، أو وقوع أحداث سلبية في حياتهم، ولكن الحقيقة أنه لا بد من التفاعل مع السلبيات من أجل الوصول إلى الحل وتجاوز العقبات.
نصائح لحياة سعيدة:
يذكر مارك مانسون مؤلف كتاب "فن اللامبالاة" أن هناك ما يمنع الإنسان من أن يعيش حياة سعيدة، حيث إن البعض لا ينطلق في خطوات ذات أثر جيد في الحياة، وذلك عندما يتجنب الإقدام، ويغرق في الأفكار دون أن يحولها إلى واقع.
على سبيل المثال، قد تفكر في كتابة مسرحية، لكنك لا تكتبها خوفا من أن يقول الناس إنها ليست لك، وإنك انتحلتها، ولذلك فإن الخوف من الفشل هو الخطر الحقيقي الذي يجعلك تقف عند حدود الأفكار.
ولا مشكلة في الفشل، أو تكرار الفشل. والصواب، هو أن تحاول، وفي النهاية ستنجح، وانظر إلى الأطفال الصغار، لقد تعلموا المشي بعد الوقوع مئات المرات، ولم يحدث أن منعت مرات الفشل الطفل من المحاولات المتكررة.
هذا ما حدث معنا جميعا عندما كنا صغارا، لكن النظام التعليمي يؤثر علينا فيما بعد، عندما نتعرض للانتقاد والعقاب نتيجة الأداء السيئ، لنصل إلى درجة التوقف عن التجربة والتعلم من الخطأ.
تعلم "فن اللامبالاة" بأن تعمل شيئا:
ينبه مارك مانسون مؤلف كتاب "فن اللامبالاة" إلى قاعدة ضرورية للإنجاز، هي أن تعمل، وإن لم تكن تعرف من أين تبدأ، فعليك أن تضرب ضربة البداية، حتى ولم تكن شيئا ذا قيمة، المهم أن تبدأ.
وهذا هو ما طبقه المؤلف عندما استقال من وظيفته في الرابعة والعشرين من عمره ليبدأ عملا على الإنترنت، وكان يمر بضائقة مالية. وفي الفترة الأولى كان يفكر كل يوم ماذا سيفعل، وعندما راوده الخوف من النتائج ، تذكر ما أشار إليه معلم الرياضيات عندما كان في المرحلة الثانوية، إذ نصحه بأنه عندما يعجز عن حل مسألة، فإنه يجب ألا يقف عاجزا أمامها، وإنما عليه أن يعمل على الحل، حتى لو لم يكن يعرفه، وهذا العمل سوف يجعل الأفكار الصحيحة تأتي إلى العقل.
وقد طبق "مانسون" هذه النصيحة، مؤكدا أن الهدف منها هو أن تعمل على إيجاد الحافز، بأن تفعل شيئا حتى تأتيك الإجابات عن المسألة التي تبحث لها عن حل.
وهكذا، فإن العمل هو ما يمنحك الإلهام ويمدك بالتحفيز لتتقدم في العمل. والبدء بالمهام البسيطة، يقود إلى أن تكون المهام الكبيرة سهلة ويسيرة.
ويشير المؤلف إلى أن أحد الروائيين سئل عن كيفية إنجازه أكثر من سبعين رواية، فأوضح أنه ألزم نفسه بكتابة مائتي كلمة يوميا، فالسر في اعتماده على مبدأ "افعل شيئا". والبدء بفعل شيء هو الذي يجعل كرة الثلج تتدحرج.
والالتزام من القيم المهمة التي بات يحرص عليها المؤلف، وهو ما حقق له الكثير من النتائج، ومن الأشياء التي التزم بها أنه أنهى جميع مشروعاته، والتزم بأن تكون الكتابة عمله الوحيد، وهو ما أدى إلى أن يكون موقعه الإلكتروني أكثر شعبية.
ومن مزايا الالتزام أنه يمنع التشتت ويتيح التركيز في مهمة رئيسية، مع عدم الالتفات إلى ما هو غير مهم.